بعد هدم مساكنهم.. سكان “كاريانات” البيضاء يهاجرون جماعة لأوروبا مشيا عبر الأقدام

“لأنه لم يعد لنا مسكن في هذا الوطن و لأننا لم نعد نملك شيئا في هاته الأرض السعيدة ، و لأن كرامتنا استبيحت دون تمتيعنا بأبسط حقوقنا ، و لأننا لم نعد نساوي شيئا في قواميس مسؤولي أجمل بلدان العالم ، فلن نبقى ساعة إضافية عالة فوق هاته الأرض التي لا تستحق أن نعيش في حدودها الجغرافية”.
بهاته العبارات التي تدمي القلوب و تبكي الأعين ، بهاته العبارات التي تحمل الكثير من الدلالات ، بهاته العبارات التي تتضمن رسائل بسيطة و غير مشفرة ، بهاته العبارات التي تسائل كل مسؤولي الوطن ، يتحدث سكان “كاريانات” البيضاء الذين تم إخراجهم بالقوة من “براريكهم” البسيطة التي كانت تقيهم شر الحر و القر و من سطوة المعتدين و كيد الكائدين.
الهجرة الإنسانية هي الحل ، حل لم يجد غيره سكان دوار زرابة و المومنية و الغالية و الواسطي بعد أن أجبرتهم سلطات البيضاء على إخلاء مساكنهم التي رؤوا النور بها و كبروا و ترعرعوا في مساحتها و تزوجوا بداخلها و أنجبوا فلذات كبدهم هناك ، ليجدوا أنفسهم بين ليلة و ضحاها لاجئين في وطن إسمه المغرب ، يحملون أوراق تعريف هذا البلد غير أن تلك الأوراق لم تشفع لهم في عيش كريم و لا سكن يليق و لا كرامة بأبسط و أدنى مقوماتها.
ما تناقلته عدسات الإعلام المغربي طيلة الأيام الأخيرة و ما كانت هبة بريس سباقة لنشره للعموم عبر تغطية من قلب الحدث أثناء عمليات الإفراغ التي تعرضت لها مجموعة من الأحياء العشوائية بالبيضاء يسائلنا جميعا ، كيف يعقل أنه في سنة 2018 و في بلد يطمح ساسته للرقي به لمصاف دول العالم الذي هو في طور التحضر أن نعاين كل تلك البشاعة و غياب حس الإنسانية قبل المواطنة ، كيف لا و نحن نشاهد مناظر خليعة لعجائز و شيوخ و أطفال و نساء و مرضى يبيتون في العراء رفقة اثاث بسيط هو كل ما يملكون في هاته الحياة الدنيا.
سكان الدواوير السالفة الذكر و في خطوة تصعيدية قرووا الهجرة جماعة لأوروبا مشيا على الأقدام “ولي ليها ليها” بعدما تنكر لهم الوطن بمسؤوليه ، هجرة بعنوان “اللجوء الإنساني” حيث تقرر أن تنطلق عملية النزوح نحو سبتة و مليلية يوم الجمعة 28 شتنبر 2018 مباشرة بعد صلاة الفجر.
و الجميل في كل هذا حسب بلاغ تم ترويجه أن هذا القرار اتخذه سكان الدواوير “المنكوبة” بالبيضاء تفاديا لأي تصادم مع المخزن و حفاظا على سلامة المواطنين و المواطنات و كذا حفاظا على الممتلكات العامة و الخاصة، فكم هي عظيمة و تاريخية تلك الدروس التي نستقيها من بسطاء هذا الشعب الذي لا يطالب بأي شيء سوى بالكرامة و الحق في الحياة و قليل من الاحترام…








المصدر